إدارة الشئون الفنية
الشرك الأصغر خطورته وصوره

الشرك الأصغر خطورته وصوره

29 يناير 2021

خطبة الجمعة المذاعة والموزعة

بتاريخ 16من جمادى الآخرة 1442هـ - الموافق  29 / 1 /2021م

الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ خُطُورَتُهُ وَصُوَرُهُ

إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[ [آل عمران:102].

عِبَادَ اللهِ:

لَقَدْ خَلَقَنَا اللهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الدَّارِ لِحِكْمَةٍ عَظِيمَةٍ وَغَايَةٍ كَرِيمَةٍ؛ أَلَا وَهِيَ إِفْرَادُهُ بِالتَّوْحِيدِ وَالْبُعْدُ عَنِ الشِّرْكِ وَالتَّنْدِيدِ فِي رُبُوبِيَّتِهِ وَأُلُوهِيَّتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ؛ فَالتَّوْحِيدُ أَعْلَى الْحَسَنَاتِ، وَالشِّرْكُ بِاللهِ أَعْظُمُ السَّيِّئَاتِ، كَمَا قَالَ لُقْمَانُ فِي وَصِيَّتِهِ لِابْنِهِ: ] يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ[ [لقمان:13]، فَمَا عُصِيَ اللهُ بِذَنْبٍ أَعْظَمَ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الشِّرْكِ بِهِ، وَلِعِظَمِ خَطَرِهِ وَدَوَامِ ضَرَرِهِ وَجَبَ عَلَى الْعِبَادِ مَعْرِفَـتُهُ بِنَوْعَيْهِ الْأَكْبَرِ وَالْأَصْغَرِ؛ لِيَسْلَمُوا مِنَ الْوُقُوعِ فِيهِ اعْتِقَادًا وَقَوْلًا وَعَمَلًا.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

وَالشِّرْكُ الْأَصْغَرُ شِرْكٌ خَافَ سَيِّدُ الْأَنَامِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَصْحَابِهِ الْكِرَامِ مِنَ الْوُقُوعِ فِيهِ، وَحَذَّرَهُمْ مِنْهُ أَشَدَّ التَّحْذِيرِ؛ لِشِدَّةِ خَفَائِهِ وَكَثْرَةِ صُوَرِهِ؛ فَهُوَ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلَةِ السَّوْدَاءِ فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ عَلَى الصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ، وَالشِّرْكُ الْأَصْغَرُ كُلُّ وَسِيلَةٍ يُخْشَى أَنْ تُوصِلَ صَاحِبَهَا إِلَى الشِّرْكِ الْأَكْبَرِ؛ فَعَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ»، قَالُوا: وَمَا الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الرِّيَاءُ، يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ -إِذَا جُزِيَ النَّاسُ بِأَعْمَالِهِمْ - اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَجَوَّدَ إِسْنَادَهُ الْمُنْذِرِيُّ]، وَهُوَ أَنْوَاعٌ كَثِيرَةٌ، وَمِنْهُ الرِّيَاءُ كَمَا فِي الْحَدِيثِ، فَيَعْمَلُ الْعَبْدُ الْعَمَلَ لِيَرَاهُ النَّاسُ، وَيَطْلُبُ مَدْحَهُمْ وَثَنَاءَهُمْ، وَهَذَا مُحْبِطٌ لِأَجْرِ مَا خَالَطَهُ مِنَ الْأَعْمَالِ، مُوقِعٌ لِلْعَبْدِ فِي الْخِزْيِ وَالْوَبَالِ، وَمَنْ أَرَادَ بِعَمَلِهِ غَيْرَ رَبِّ الْعِبَادِ؛ عَاقَبَهُ اللهُ فِي الْآخِرَةِ بِأَنْ يَفْضَحَهُ عَلَى رُؤُوسِ الْأَشْهَادِ؛ فَعَنْ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]؛ فَاللهُ لَا يَقْبَلُ مِنَ الْعِبَادِ عَمَلًا أَشْرَكُوا فِيهِ أَحَدًا مَعَهُ، كَتَحْسِينِ الْعَبْدِ صَلَاتَهُ وَقِرَاءَتَهُ، وَإِظْهَارِ إِحْسَانِهِ وَصَدَقَتِهِ وَجِهَادِهِ؛ لِيُقَالَ عَنْهُ قَارِئٌ أَوْ مُتَصَدِّقٌ أَوْ شُجَاعٌ، وَهَؤُلَاءِ مِنْ أَوَّلِ مَنْ تُسَعَّرُ بِهِمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

عِبَادَ اللهِ:

 وَمِنْ أَنْوَاعِ الشِّرْكِ الْأَصْغَرِ مَا يَكُونُ فِي الْأَلْفَاظِ، كَأَنْ يَقُولَ الْمُسْلِمُ:( مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ) أَوْ( لَوْلَا اللهُ وَفُلَانٌ) أَوْ(مَا لِي إِلَّا اللهُ وَأَنْتَ) أَوْ نَحْوِهَا؛ فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ شِرْكٌ فِي الْأَلْفَاظِ لَا يَجُوزُ؛ لِذَلِكَ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أَصْحَابَهُ أَنْ يَقُولُوا: مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ شِئْتَ، كَمَا أَنَّ عَلَى الْمُسْلِمِ اجْتِنَابَ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى، كَالْحَلِفِ بِالْآبَاءِ أَوِ الْأَبْنَاءِ، أَوْ بِحَيَاةِ فُلَانٍ، أَوْ بِالْعِرْضِ وَالشَّرَفِ وَالْأَمَانَةِ، أَوْ بِأَيِّ مَخْلُوقٍ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ، وَلَوْ كَانَ مَلَكًا مُقَرَّبًا أَوْ نَبِيًّا مُرْسَلًا؛ فَعَنْ قُتَيْلَةَ امْرَأَةٍ مِنْ جُهَيْنَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ يَهُودِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّكُمْ تُنَدِّدُونَ، وَإِنَّكُمْ تُشْرِكُونَ، تَقُولُونَ: مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ، وَتَقُولُونَ: وَالْكَعْبَةِ. فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادُوا أَنْ يَحْلِفُوا أَنْ يَقُولُوا: «وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، وَيَقُولُونَ: مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ شِئْتَ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ].

وَاحْذَرْ -أَيُّهَا الْمُوَحِّدُ- مِنْ سَبِّ الدَّهْرِ أَوِ الزَّمَانِ أَوِ السِّنِينَ أَوِ الرِّيحِ أَوِ الْأَمْرَاضِ؛ فَاللهُ هُوَ مُصَرِّفُ هَذِهِ الْأُمُورِ، وَمَا يَجْرِي فِيهَا مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، وَعَلَى الْعَبْدِ أَنْ يُقَابِلَ قَضَاءَ اللهِ وَقَدَرَهُ بِالصَّبْرِ وَالرِّضَا؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: «يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ، يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِي الْأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].

إِخْوَةَ الإِسْلَامِ:

إِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يَسْتَخْدِمُ فِي كَلَامِهِ لَفْظَ( لَوْ) كَأَنْ يَقُولَ:( لَوْ أَخَذْتُ طَرِيقَ كَذَا مَا حَصَلَ الْحَادِثُ الْفُلَانِيُّ) عَلَى وَجْهِ التَّحَسُّرِ عَلَى مَا مَضَى ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَهِيَ لَا تُفِيدُ شَيْئًا، وَإِنَّمَا تَفْتَحُ بَابَ الْأَحْزَانِ وَالْوَسَاوِسِ وَالنَّدَمِ ؛ فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللَّهِ، وَمَا شَاءَ فَعَلَ؛ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ].

فَاحْفَظُوا -عِبَادَ اللهِ- أَقْوَالَكُمْ مِنَ الشِّرْكِ، وَصُونُوا أَفْعَالَكُمْ مِنَ الرِّيَاءِ، وَاجْعَلُوا أَعْمَالَكُمْ خَالِصَةً لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى سُنَّةِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أَمَّا بَعْدُ:

 فَأُوصِيكُمْ- عِبَادَ اللهِ- وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ؛ فَمَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ، وَنَصَرَهُ وَكَفَاهُ.

عِبَادَ اللهِ:

احْذَرُوا التَّطَيُّرَ وَالتَّشَاؤُمَ؛ فَهُوَ مِنَ الشِّرْكِ بِاللهِ تَعَالَى، فَبَعْضُ النَّاسِ يَتَشَاءَمُونَ مِنْ بَعْضِ الْأَيَّامِ وَالشُّهُورِ كَمَا حَصَلَ مِنْ تَشَاؤُمِهِمْ مِنْ عَامِ عِشْرِينَ عِشْرِينَ وَسَبِّهَا وَنِسْبَةِ الشَّرِّ إِلَيْهَا، وَبَعْضُهُمْ يَتَشَاءَمُ بِبَعْضِ الْأَسْمَاءِ أَوِ الْهَيْئَاتِ أَوِ الْحَيَوَانَاتِ؛ فَجَاءَ الْإِسْلَامُ وَأَبْطَلَ هَذِهِ الْعَادَةَ الْجَاهِلِيَّةَ، وَنَفَى تَأْثِيرَهَا وَجَعَلَهَا شِرْكًا؛ فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، ثَلَاثًا»، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ t: (وَمَا مِنَّا إِلَّا، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ) [رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ]. وَمِنْ أَنْوَاعِهِ: تَعْلِيقُ التَّمَائِمِ وَالْحُجُبِ، أَوِ اعْتِقَادُ أَنَّ الْحِجَارَةَ أَوْ أَسْوِرَةَ الطَّاقَةِ مِنْ أَسْبَابِ الشِّفَاءِ؛ فَقَدْ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ]،  إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَنْوَاعِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ الْحَذَرُ مِنْهَا وَالْبُعْدُ عَنْهَا، وَأَنْ يُقِيمَ دِينَهُ عَلَى التَّوْحِيدِ الْخَالِصِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَاعْلَمْ أَنَّ الشِّرْكَ الْأَصْغَرَ قَدْ يَنْقَلِبُ إِلَى شِرْكٍ أَكْبَرَ إِذَا غَلَبَ الرِّيَاءُ عَلَى الْقَلْبِ؛ كَحَالِ الْمُنَافِقِينَ، أَوِ اعْتَقَدَ فِيمَا يَحْلِفُ أَوْ يَتَطَيَّرُ بِهِ أَوْ يُعَلِّقُهُ - أَنَّهُ يَنْفَعُ أَوْ يَضُرُّ بِنَفْسِهِ؛ فَالسَّلَامَةُ كُلُّ السَّلَامَةِ فِي الْبُعْدِ عَنِ الشِّرْكِ صَغِيرِهِ لِئَلَّا يَجُرَّكَ إِلَى كَبِيرِهِ، وَالْعِيَاذُ بِاللهِ.

عِبَادَ اللهِ:

لَقَدْ أَرْشَدَنَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى دُعَاءٍ عَظِيمٍ يَنْبَغِي عَلَيْنَا مُلَازَمَتُهُ؛ فَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ التَّخَلُّصِ مِنَ الشِّرْكِ الْأَصْغَرِ، مَعَ الِاجْتِهَادِ فِي بَذْلِ أَسْبَابِ الْإِخْلَاصِ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ؛ فَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، لَلشِّرْكُ فِيكُمْ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَلِ الشِّرْكُ إِلَّا مَنْ جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَلشِّرْكُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ، أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى شَيْءٍ إِذَا قُلْتَهُ ذَهَبَ عَنْكَ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ؟». قَالَ: «قُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا أَعْلَمُ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ].

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ أَزْكَى الْبَرِيَّةِ أَجْمَعِينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ وَالصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَارْضَ عَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَانْصُرْ عِبَادَكَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ أَعْمَالَهُمَا فِي رِضَاكَ، وَأَلْبِسْهُمَا ثَوْبَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ، وَوَفِّقْهُمَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، اللَّهُمَّ ادْفَعْ عَنَّا الْغَلَاءَ وَالْوَبَاءَ وَالْبَلَاءَ، اللَّهُمَّ اسْقِنَا الغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ القَانِطِينَ، اللَّهُــمَّ أَغِـثْ قُـــلُوبَنَا بِالإِيمَانِ وَالْيَقِينِ، وَبِلَادَنَا بِالأَمْطَارِ النَّافِعَةِ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة

الرقعي - قطاع المساجد - مبنى تدريب الأئمة والمؤذنين - الدور الثاني